الاثنين، 27 أغسطس 2012

من أوجد مصطلح الوطن العربي؟






الغوص في تاريخ منطقتنا القديم، وتصفح الكتب التي تلخص معالم الزمن ومحطات الشرق الأوسط، والتدقيق في الآثار والتحف الحضارية التي تركها أجدادنا إرثا ننهل

منه عظمتهم … لم يتضمنوا أي ذكر أو وجود ” للشعب العربي”.
فأرض النيل (مصر اليوم) مرورا بأرض إسرائيل (دولة إسرائيل وغربي الأردن اليوم)، ومنطقة الشام (سوريا ولبنان اليوم) وصولا إلى بلاد ما بين النهرين (العراق وكردستان اليوم)… لم تشهد يوما دولا عربية كما أنها لم تتعرف على الحضارة العربية البتة.

من هم العرب ?

يحدثنا التاريخ، أن العرب هم سكان البادية المعروفون اليوم بالبدو؛ قبائل الصحراء الرحل الذين يسكنون الخيام ويعيشون على رعي الإبل والماشية ويتنقلون من مكان لآخر طلبا للماء والكلأ معتمدين على تجارة البضائع.
بعد أن توقفوا عن عبادة الأوثان واعتمدوا الإسلام دينا لهم، خرج المسلمون من شبه الجزيرة العربية خلال ما سمي “بالفتح الإسلامي” أو ” الاحتلالات الإسلامية” ( القرن السابع ميلاديا)، هدفا بالهيمنة وقهر شعوب منطقة الشرق، السكان الأصليين، مسيطرين على ممتلكاتهم وارث أجدادهم ليبنوا عليها إمبراطوريتهم الإسلامية ، مغتصبين أراضي حضارات غيرهم.
نجح العرب خلال حكم الأمويين ( ٧٥٠-٦٦١) في احتلال جزءا من الشرق الأوسط ، معتمدين سياسة الاستيطان من خلال استقدام أعداد من المسلمين العرب من شبه الجزيرة العربية موطنهم الأم، وتوطينهم في الشرق الأوسط.
لم يكتب العمر المديد للحكم العربي، إذ أن مهمتهم الاحتلالية التاريخية انتهت على يد احتلالات أخرى؛ الفارسيون والأتراك والسلجوقيون واكورد والمماليك وغيرها من الامبرياليات التي احتلت وسيطرت على أراض من الشرق الأوسط ، شمال إفريقيا وأوروبا.
لتبلغ ذروتها مع حكم الامبريالية التركية – العثمانية التي أخضعت مناطق شاسعة من الشرق الأوسط لسيطرتها لعقود طوال (تفككت نهائيا عام ١٩٢٣).

إيديولوجية “العروبة”

تبلورت فكرة “العروبة” على يد مثقفين من الشرق الأوسط أبناء الأقليات: مسيحيون، علويون وغيرهم من مَن تلقى علومه في الغرب لا سيما في فرنسا، إذ رأى هؤلاء أنه لا بد من فكرة “الهوية المشتركة” بين شعوب وطوائف الشرق الأوسط المتعددة قوامها اللغة العربية ” الفصحى”، التي كانت في تلك الفترة ” لغة ميتة” – يتحدثها فقط رجال الدين الإسلامي وثلة من الأدباء فقط.
هدف المثقفون الأساسي آنذاك كان الحؤول دون العودة إلى وضعية “مواطن درجة ثانية” أي (الذمية) بسبب الاعتبارات الدينية والاثنية في دولة ذات أكثرية إسلامية، كما حصل في حقبة السلطنة العثمانية.
” العروبة” كـ” إيديولوجية سياسية” صُدّرت إلى الشرق الأوسط في القرن العشرين على يد الإمبراطورية البريطانية والفرنسية كأداة فعالة في إسقاط الإمبراطورية العثمانية والسيطرة على الأراضي الواقعة تحت سيطرتها :
سياسة فرنسا وبريطانيا تلخصت آنذاك في أن إقامة حركة قومية “قاعدتها عربية” متعاطفة مع البريطانيين، ستساعد في تفكيك الإمبراطورية العثمانية وتؤدي إلى نفوذ هاشمي- بريطاني – فرنسي على المنطقة، وبالتالي تسهل عليهم السيطرة والتحكم في موارد النفط و نوافذ التجارة البرية والبحرية في الشرق الأوسط.
بدأ البريطانيون وحليفهم الشريف العربي حسين بن علي الهاشمي بتسويق “العروبة” بدءا من عام ١٩١٥، وكان الأخير قد
طالب بإقامة “الدولة العربية الكبرى” بعد انتصار “الحلفاء” على العثمانيين، بمؤازرة بريطانية وبناء على ذلك قدم لهم كل الدعم والمساعدة بالاعتماد على القبائل البدوية التي كانت تحت أمرته.
أوجد البريطانيون وأعوانهم مصطلح ” الوطن العربي” أو “العروبة” وعمدوا إلى تطويره فارضين كذبة أقنعت من اتسم بجهل التاريخ أن الشرق الأوسط هو منطقة “عربية” الأصل وأن سكان المنطقة جميعهم ذو هوية وأصول عربية.
النتائج المرة لهذه “اللعبة” انعكست سلبا على هوية الشعوب الأصلية، إذ قضت على التاريخ الحقيقي لأبناء المنطقة، من خلال حذف وتجاهل هويتهم، لغتهم، وحضارتهم لصالح الهوية العربية البديلة “المخترعة” والمزيفة.

هل بإمكان احد الادعاء أن الفراعنة كانوا ذي أصول عربية، من حيث اللغة والشكل؟

هل كان حمورابي ملك بابل عربيا؟
هل كانت مملكة إسرائيل المتحدة وعلى رأسها الملك سليمان مملكة عربية؟
وهل جاء حيرام ملك صور من جذور عربية؟
أسئلة تفرض نفسها وتقودنا إلى إجابة واضحة وواحدة:لا لا وألف لا

العلم العربي

علم” الثورة العربية” أو “العروبة”، الذي يُستعمل كأساس لرايات أكثرية الدول “العربية” الحديثة، أوجده السياسي البريطاني مارك سايكس عام ١٩١٦، استكمالا لمحاولات الدعاية وإنشاء “الأمة العربية” أو ” شرق أوسط عربي” بهدف تحكيم نفوذهم في المنطقة من خلال “دمى عربية” تخدم المصالح الامبراطورية البريطانية – “الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس“. ( The empire on which the sun never sets )

الدبلوماسي البريطاني مارك سايكس (١٨٧٩-١٩١٩) موجد العلم العربي المشترك
 
 لورنس “العرب”
إحدى أهم الشخصيات الرئيسة التي أوجدت وفرضت ” العروبة” في المنطقة، كان ضابط المخابرات البريطاني توماس ادوارد لورانس، حليف الهاشميين.
فبإشرافه دعم البريطانيون ثورة القبائل العربية في الحجاز ضد الإمبراطورية العثمانية في ما عرف آنذاك بالثورة العربية الكبرى. وقد عُرف هذا السياسي بدوره الاساسي في تسويق “الأمة العربية” كأداة لتوطيد المصالح البريطانية في الشرق الأوسط.

ضابط المخابرات البريطاني ادوارد لورانس بزي القبائل العربية- “لورانس العرب”
 
 
 لماذا تعتبر إيديولوجية ” العروبة” الإسرائيليين أعداءً لها؟

رمز حزب البعث
 
 تعتبر الأحزاب العربية، التي تأسست على أساس إقامة امة عربية واحدة، كحزب البعث وغيره، أن دولة إسرائيل عدوة غريبة “مجرمة”ولا تقبل وجودها في المنطقة.
هذا العداء للإسرائيليين يحمل أكثر من علامة استفهام، وليس نابعا من اعتبارهم غرباء خصوصا وان اليهود وُجدوا في المنطقة وعلى أرضهم التاريخية قبل أن يسمع العالم بالعرب.
بكل بساطة العداء للإسرائيليين نابع من تمسكهم بهويتهم ولغتهم وحضارتهم المتشبث التاريخ بها من الاف السنين،
واضعين مبدأ الحفاظ على لغتهم العبرية لغة وطنهم الأم، فخورين بالصهيونية الإسرائيلية التي عادت إلى ارض إسرائيل مغلفة الشعب اليهودي ضمن كيان ينتمون إليه ويعبدونه، معارضين المصالح البريطانية و” الهوية العربية” المفروضة عليهم وعلى أرضهم .
داعمو العروبة والأنظمة الفاسدة المنبثقة من عقيدتها، يراودهم أبدا الخوف من فقدان السيطرة على الشعوب الناطقة بالعربية، ومن محاولة التعرف على أصولهم الحقيقية غير العربية وحضارات أجدادهم ومن أن يحذو حذو شعب إسرائيل في نضالهم من اجل الحفاظ على الهوية التاريخية.
فكانت “الهوية العربية” مشروعهم المفبرك، مصورين إسرائيل كعدو امبريالي قاتل غريب في المنطقة تريد القضاء على “عروبة” الشرق الأوسط، معششين الحقد في قلوب شعوبهم تُجاهها حتى لا تنتقل عدوة الحرية والمطالبة بالهوية الأساسية إلى أبناء الحضارات الأصلية للمنطقة.
اليوم، وبعد عقود على العنف، الحقد والحروب باسم العروبة المفبركة، بدأت بوادر الحقيقة تلوح في الأفق وإشعاعاتها تضيء جذور شعوب المنطقة، وبدأت حقيقة هذا المشروع تظهر للعلن، لا سيما وان أدواتها -الأحزاب البعثية- في الدول العربية مارست أبشع أنواع الظلم والاضطهاد بحق شعوبها التي تقول إنها “عربية”.
هوية المرء هي ثروة غالية لا يمكن لأي غريب انتزاعها، وكل من يسمح أو يقبل بفرض لغة، حضارة، إيديولوجية وعادات غريبة عليه يعتبر خائنا لشعبه وتراثه التاريخي.
لقد دفعت المنطقة دماءً لمشروع غريب، وكانت ضحية المصالح الاقتصادية التي تجعل من الإنسانية مجرد لعبة تستخدمها لتحقيق النفوذ. تاريخ الشعوب هو كيانها وحضارتها نبع وجودها، ولا يسعنا في هذا المجال إلا أن نعيد ونكرر الكلمات الخالدة ذات المعاني السامية لقائد جيش الشعب العبري، يغائيل الون، الذي قال قبل اعلان استقلال الدولة : “מי שאין לו עבר, אין לו הווה – ועתידו לוטה ערפל“ ”الشعب الذي لا يحترم تاريخه، لا يحترم حاضره ومستقبله غير مضمون
 

 

يسمح لكم بنقل الموضوع بشرط ذكر المصدر : من أوجد مصطلح الوطن العربي؟ | صوت العقل والفكر الحر
 
ساهم في نشر الموضوع ولك جزيل الشكر !

أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :

التعليقات :

إرسال تعليق

رجاء تجنب استعمال التعليقات لبث روابط إعلانية. كذلك ننبه إلى ضرورة الالتزام بصلب الموضوع وعدم الخروج عليه حتى لا يفقد الموضوع أهميته.