سامي جاسم آل خليفة
من
يتابع الشأن الثقافي في دول الخليج الفارسي يدرك الوضع المأساوي الذي
تعيشه تلك الدول على جميع المستويات ولعل المستوى الثقافي أخطرها لما
يعانيه من إفلاس وصدأ وسطحية تمس كل جوانبه وتهدد بانفصال كبير لشعوب تلك
الدول عن الإسهامات الثقافية العالمية والعيش تحت جلود مهترية لا تشكل في
خارطة الثقافات غير نفسها وهيمنة الموروث البدوي المتحجر عليها .
أقول
ذلك لما أجده من اهتمام بالصحراء وما فيها من موروثات التخلف والجهل
والرجعية فغدت أموال البترول تضخ على تلك الغدد الصحراوية دونما رقيب أو
حسيب يكفل العدالة في توزيع الثروة على جميع فئات الشعب وكأن شعوب تلك
المنطقة جميعهم من فئة البداوة والتعجرف فمسابقة مليونية لشاعر الصحراء
والناقة وملايين أخرى لمهرجانات التراث والثفافة التي تعرض أفكار الإبل و
منتوجاتها وجلودها وتسهم في تضخم الجهل والانكفاء حول صنمية البداوة
وعبودية الخيمة والسيف التي لم نجن منها غير المزيد من اختلال العقول
والتعجرف وقتل النفس واحتقار الآخر بحجة القبيلة تارة والعروبة تارة أخرى.
أتساءل
أيها السادة ماذا جنت تلك الدول من هذه المهرجانات والمسابقات البدوية
وماذا قدمت لشعوب العالم وما السر في هذا الإنفاق السخي على ثقافة مصطنعة
تمجد الصحراء ورعونتها وبطولات الحاكم ورجاله وتصور البطون المتخمة
بمليارات البراميل من الذهب الأسود .
ومع
تلك التساؤلات لم أجد إجابة تشفي الغليل وتريح الخاطر فما وجدت غير الغثاء
والبلاء فدول الخليج الفارسي صدرت للعالم الحيوانات الإرهابية التي أوسعت
العالم قتلا وتدميرا وسعت إلى ترويج ثقافة الكراهية وإقصاء الآخر فلم
يرحموا صغيرا ولم يوقروا كبيرا ثم أعلنوا الله أكبر وهم يرقصون بسيف الدم
والقتل على أنغام البداوة العربية ولم يعلموا أنهم أصغر وأصغر .
ومما يزيد العقل حيرة هو الزج بمفهوم الثقافة مع تلك الطقوس البدوية التي أقل ما يقال عنها أنها طقوس فجة لا تمت للثقافة بصلة ما دامت لا تنهى عن خلق فاسد وتنبذ الكراهية وتنشر قيم التسامح والسلام وتقرأ الآخر بفتح المجال أمامه ليوضح ماهية ثقافته ومكوناتها سواء الدينية أو الاجتماعية لا أن نخاف منه ونغلق دونه الأبواب بحجة مخالفته للدين والعقيدة والبيئة .
أتصور أن الثقافة تئن متوجعة لما أصابها من جرب الصحراء والعالم سئم الموروث البدوي الحافل بالجمود والتصحر والقذارة وإراقة الدم تحت مظلة الدين وحان الوقت أن تُطمس تلك التشققات الصحراوية وأن يُرمى هذا الموروث بكل ما فيه إلى الهاوية وعلى المثقفين اعتزال تلك المسابقات والمهرجانات الصحراوية حتى يندمل ذلك الجرح الغائر في جسد الثقافة
لمصدر:http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=211491
يسمح لكم بنقل الموضوع بشرط ذكر المصدر : دول الخليج الفارسي ثقافة خاوية وبطون متخمة | صوت العقل والفكر الحر
أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :