الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

دول الخليج الفارسي ثقافة خاوية وبطون متخمة




سامي جاسم آل خليفة

من يتابع الشأن الثقافي في دول الخليج الفارسي يدرك الوضع المأساوي الذي تعيشه تلك الدول على جميع المستويات ولعل المستوى الثقافي أخطرها لما يعانيه من إفلاس وصدأ وسطحية تمس كل جوانبه وتهدد بانفصال كبير لشعوب تلك الدول عن الإسهامات الثقافية العالمية والعيش تحت جلود مهترية لا تشكل في خارطة الثقافات غير نفسها وهيمنة الموروث البدوي المتحجر عليها .

أقول ذلك لما أجده من اهتمام بالصحراء وما فيها من موروثات التخلف والجهل والرجعية فغدت أموال البترول تضخ على تلك الغدد الصحراوية دونما رقيب أو حسيب يكفل العدالة في توزيع الثروة على جميع فئات الشعب وكأن شعوب تلك المنطقة جميعهم من فئة البداوة والتعجرف فمسابقة مليونية لشاعر الصحراء والناقة وملايين أخرى لمهرجانات التراث والثفافة التي تعرض أفكار الإبل و منتوجاتها وجلودها وتسهم في تضخم الجهل والانكفاء حول صنمية البداوة وعبودية الخيمة والسيف التي لم نجن منها غير المزيد من اختلال العقول والتعجرف وقتل النفس واحتقار الآخر بحجة القبيلة تارة والعروبة تارة أخرى.

أتساءل أيها السادة ماذا جنت تلك الدول من هذه المهرجانات والمسابقات البدوية وماذا قدمت لشعوب العالم وما السر في هذا الإنفاق السخي على ثقافة مصطنعة تمجد الصحراء ورعونتها وبطولات الحاكم ورجاله وتصور البطون المتخمة بمليارات البراميل من الذهب الأسود .

ومع تلك التساؤلات لم أجد إجابة تشفي الغليل وتريح الخاطر فما وجدت غير الغثاء والبلاء فدول الخليج الفارسي صدرت للعالم الحيوانات الإرهابية التي أوسعت العالم قتلا وتدميرا وسعت إلى ترويج ثقافة الكراهية وإقصاء الآخر فلم يرحموا صغيرا ولم يوقروا كبيرا ثم أعلنوا الله أكبر وهم يرقصون بسيف الدم والقتل على أنغام البداوة العربية ولم يعلموا أنهم أصغر وأصغر .

كان حريا أن تنظر تلك الدول النفطية إلى رقي شعوبها وتسهم في إعلاء الشأن الثقافي لبلدانها فليست الصحراء وما فيها من شوك وتصحر فكري هي الثقافة وليست القصائد النبطية وما فيها من سواد الفكر واللفظ والمعنى لسان الثقافة فليس الفخر تمجيدا للقتل وليست الحكمة تكفير الآخر وليس الزهد احتقار المرأة في النهار وتقديس الفرج بالليل والغناء تحت مرابض الأنعام على ضوء القمر حتى غدت تلك الدول تهيم بكل ما هو صحراوي في فكرها وتعليمها وقداسة دينها ولم تر غير إعلاء السيف وجر الخيل وركوب البعير ورعي الشاة ثم تصويرها مجتمعة بأنها موروث ثقافي ولم يدروا أنها قمة السخرية والضحك من قبل دول العالم .

ومما يزيد العقل حيرة هو الزج بمفهوم الثقافة مع تلك الطقوس البدوية التي أقل ما يقال عنها أنها طقوس فجة لا تمت للثقافة بصلة ما دامت لا تنهى عن خلق فاسد وتنبذ الكراهية وتنشر قيم التسامح والسلام وتقرأ الآخر بفتح المجال أمامه ليوضح ماهية ثقافته ومكوناتها سواء الدينية أو الاجتماعية لا أن نخاف منه ونغلق دونه الأبواب بحجة مخالفته للدين والعقيدة والبيئة .
أتصور أن الثقافة تئن متوجعة لما أصابها من جرب الصحراء والعالم سئم الموروث البدوي الحافل بالجمود والتصحر والقذارة وإراقة الدم تحت مظلة الدين وحان الوقت أن تُطمس تلك التشققات الصحراوية وأن يُرمى هذا الموروث بكل ما فيه إلى الهاوية وعلى المثقفين اعتزال تلك المسابقات والمهرجانات الصحراوية حتى يندمل ذلك الجرح الغائر في جسد الثقافة


 لمصدر:http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=211491

 

 
ساهم في نشر الموضوع ولك جزيل الشكر !

أضف تعليقك عن طريق الفيسبوك :

التعليقات :

إرسال تعليق

رجاء تجنب استعمال التعليقات لبث روابط إعلانية. كذلك ننبه إلى ضرورة الالتزام بصلب الموضوع وعدم الخروج عليه حتى لا يفقد الموضوع أهميته.